الأربعاء، 26 فبراير 2014

أُقبّل ثرى قدميك



أًماه لن أنتظر وفاتك وقد ناهزت  الثمانين لكي أرثيك بما يليق بك لن أكون إلا بك بارة ولك محبة ومعجبة ولخدمتك طائعة وراغبة
ولرفقتك مفضلة ولصحبتك مستأنسة ولمجالستك مستمتعة

أُماه يا من تعيدنا لذكريات الزمن الماضي تحدثينا عن طفولتك بفلسطين وأنت أردنية الأصل والمنشأ فهما وطن واحد
عن بداية عهدك بالعلم والتعلّم   وأنت من الرعيل الأول وعهدك بالعلم من بداية الخمسينات بهذا القرن بالمدرسة العائشية بنابلس وعن معلماتك وصديقاتك فيها

وعن بداية عهدك بالتعليم مع الأول الابتدائي وكيف رفضت ذلك بداية  ثم وافقت  لأنه عماد وأساس المراحل التي تليها بعد ذلك فأنت تفضلين بناء الأساسات المتينة

رويت لنا كيف إن ابنتك دخلت عندك مستمعة لصغر سنها ولكن فاقت غيرها من الطالبات لذكائها وهذا ما فسّر  رفقتها بكل المراحل الدراسية لابنتك الأكبر منها سنة واحدة

وعن أيام سعادتك مع زوجك وأبو أولادك ما زلت تبحثين عنه لا تقرين بوفاته هو غائب ولا بدّ يعود تعيشين على ذكريات الزمن الجميل معه جدّفت قارب الحياة بأمواجها المتلاطمة واجهت الصعاب وجاهدت حتى أوصلت جميع أفراد أسرتك شط الأمان

 ورثت بحياتك مهنة التعليم رغبة ومحبة لكل أفراد أسرتك  من مختلف التخصصات ولكافة المراحل عبر مسيرة عطاء متواصلة كانت وما زالت  فتخرجت أجيال وأجيال ينهلون العلم على أيدهم وأهلّت اثنين من أولادك  من ذوي  متلازمة داون لمهن جعلتهم نافعين مفيدين من خيرة أبناء الوطن 

كنت لنا المربية والمرشدة والأخت والصديقة والأم لم يشغل بالك  سوى تدبير أمور حياتنا  لهذا الشأن تفرغت وله تخصصت فكان لك ما أردت وما حلمت وله طمحت 

وعن طفولتك وعن حبّك لوالديك وعن سؤالك عن كل أهلك وهم أهلنا وأحبتنا وعزوتنا وأخوتك وأخواتك أحبتك ورفقاء دربك وعن أهل زوجك فكلهم بحياتك ومعك سواء 

ذكرياتك وما فاتنا من معرفتها عنك نعيشها الآن معك ما أرقى حياتك !! وما أروع  مذكراتك!!  وكم من الوفاء والحنان والرقي نلمسه من صفحات حياتك قديمها وحديثها

لله درّك أمي كم سرت ومشيت وكم عفّر تراب الأرض قدميك الطاهرتين  تبذلين جهدك وكل عزمك في سبيل تسهيل وتيسير أمور عائلتك  طوال عمرك وقد كان لك ما تمنيت 

وها نحن بإنجازاتك الكبرى نتشرف وبسيرتك العطرة نفتخر وها هو ثرى  قدميك وخطواتك المباركة لك تشهد , حفظك الله ورعاك وبارك اللهمّ في  عمرك يا أمي الحبيبة 


انتصار عادل الخطيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق