الأحد، 19 يناير 2014

قصتي مع الدبلوم العالي لصعوبات التعلّم



لم يدر بخلدي أن أعاني أية مشقة أو أجد أية صعوبة في دراسة تخصص ما بالتربية الخاصة وأنا أخت لاثنين منهما ( متلازمة داون ) هذا ما حصل .. إنها الأنظمة والقوانين -- هذا ما أفادت به الدكتورة منى الحديدي رئيسة قسم التربية الخاصة بالجامعة الاردنية عندما أخبرتها شخصيا في مكتبها عن رغبتي الشديدة ّوالملحّة في دراسة ماجستير تربية خاصة لقد اعتذرت لي بكل مهنية واحتراموتمنّت لو أن الأمر بيدها لكنها مواصفات ومتطلبات الماجستير الموضوعة من وزارة التعليم العالي يجب أن يكون البكالوريوس مؤهلاً تربوياً وليس أكاديميا ً اكتفيت سنتها بشهادة الدبلوم المهني في التاهيل التربوي من الجامعة الأردنية و ذلك عام 2001 

الأمر كان متاحاً .. ومتاحاً جداً سنة تخرجي من الثانوية العامة عام 1978 وكانت كلية العلوم التربوية مشرعّه الأبواب لكنني آثرت يومها دراسة تخصص بعيد كل البعد من الناحية الأكاديمية عن تخصص التربية الخاصة والتي كانت مطروحة بوفرة آنذاك معللة ذلك لنفسي بأن معلومات تخصص التربية الخاصة أكتسبه بخبرتي وتجربتي وسأنشره بطريقتي وبشكل أفضل لشريحة أوسع مهما كانت دراستي فاخترت تخصص اللغة العربية وحصلت على البكالوريوس من الجامعة الأردنية عام 1981 وللحقيقة لست نادمة على ذلك وقد يكون للأمر ما يبرره عندي 

لقد كانت فكرة توعية المجتمع بفئات ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق شريحة كبيرة من طالبات العلم في المدارس هي سبيلي وهدفي وضمن الإمكانات المتاحة لديّ نحقق ولو جزءاً يسيراً وقد تحقق ذلك من خلال إعداد نشرات كتابة مجلات حائطية التعاون مع المرشدة الاجتماعية استضافة محاضرين وبشكل أيسر من خلال الإذاعة المدرسية والاحتفال بالمناسبات العالمية المتعلقة بهذه الفئات وتسليط الضوء عليها من خلال برنامج كامل -- ولكنّ الفرصة الأوفر حظا ًوالتي تهيأت بتوفيق من الله تلك الدراسة التي قدمتها عام 1993من خلال فريق صحفي من طالباتي بمدارس الأرقم الإسلامية للاشتراك بمسابقة تحقيق صحفي وقد اخترت عنواناً له ( دور المدرسة في دمج المعاق عقليا في المجتمع ) وقد حصل بفضل الله على المركز الأول على مستوى المملكة ونال على كأس التفوق وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقا إن شاء الله 

وكم كان يثلج صدري عندما يتناهى إلى مسامعي إن أحدى طالباتي سجلت بكلية العلوم التربوية تخصص تربية خاصة وينتابني الحنين ثانية وللحقيقة مع تقدم العمر والسنوات شعرت برغبة ماسّة في تكملة الدراسة وعاد موضوع تخصص التربية الخاصة يفرض نفسه وكم تمنيت دراسته لكن الأمر صعب إن لم يكن مستحيلا ً سوى إعادة البكالوريوس وهذا مما استبعدته من فكري نهائيا ً— فلن ألغي تخصصا ً من أجل نيل تخصص بديل آخر مكانه مهما كان الأمر 

وهكذا تبددت أحلامي وضاعت آمالي إلى أن لمعت في الأفق ومضة أمل  عندما علمت ان وزارة التربية والتعليم تبتعث معلمات لدراسة هذا الدبلوم بجامعة العلوم التطبيقية

فرحت كثيرا لهذا الخبر -- لكن لم تدم فرحتي طويلا ً إنها شروط الابتعاث مرة أخرى؟؟!! – لكن هذه المرة ليس بسبب التخصص وإنما بسبب المراحل الدراسية التي أقوم بتدريسها ( مرحلة الأساسي العليا والثانوية ) وهم يشترطون البعثة لمعلمات مراحل الأساسي الدنيا على اعتبار انهن سيعدن معلمات لغرف مصادر والتي عادة تكون لهذه المرحلة من العمر – ما العمل الآن ؟؟ هل أجعل هذا الأمر يقف عائقا ً؟؟!! ما الضيرمن تقديم الطلب إن الأمر يستحق المحاولة ؟؟ لم لا أقدم طلبا ً ماذا سأخسر إن الأمر يستحق المحاولة ؟؟ حتى لو تم ّ رفضه ؟؟!! وهذا ما كان 
وعادت أسارير الفرحة والبهجة ثانية – لقد تم ّ قبول طلبي – إنها مفاجأة كبرى !! نعم سأكمل درسة الدبلوم العالي لتخصص طالما تمنيته – إنه تخصص يؤهلني لأكون قريبة من فئة من فئات الخاصة وكلها ضمن محور اهتمامنا والحمد لله – سندرس علما ً جديدا سيجعلنا أقرب ما نكون من فئات التربية الخاصة كلها 
اعتذار المعلمة التي انطبقت عليها الشروط لظروف شخصية هو ما أهلّ للموافقة على طلبي – إنه تدبير وتسهيل رب العالمين 
لقد اجتزت المقابلة الشخصية التي تجريها جامعة البلقاء التطبيقية لتكملة متطلبات التسجيل والقبول 
وهكذا عدت إلى مقاعد العلم بعد 23 عاما من تخرجي من البكالوريوس و26 عاما من تخرجي من الثانوية العامة – لقد كنت حينها أكبر من أساتذتي سنا ً سوى دكتور واحد فكيف بين الطلبة ؟؟!! لكن ذلك لم يثن عزيمتي وإنما شد من أزري وتسلحت بعلمي – لقد كنت طالبة مجدّة ومجتهدة – استطاعت أن توفق بين متطلبات عملها صباحا ودراستها مساء بتعاون وللحق يقال من إدارتي ومعلمات مدرستي ومن والدتي وأخواتي في بيتي – لقد تم إعفائي من أية أعباء إضافية فقط المتطلبات الأساسية 
لقد قدمت مشروع التخرج وتم مناقشته باقتدار وأنهيت 32 ساعة معتمدة على مدار عام متواصل بثلاثة فصول دراسية 
لن أخفيكم سرا ً بأن دموع فرحتي انهمرت غزيرة يوم تخرجي لقد قطفت ثمار تعبي -- عدت للوراء بعيدا ً – استرجعت الماضي -- لنترك الماضي جانبا ولنعش لحظات المستقبل السعيد – تختلط المشاعر ثانية لكن طعم النجاح له ما يميزه – الله الله ما أكرمك ربي !! وما أوسع فضلك وعطاءك !! 

مهما طالت السنوات ومهما تنوعت وتعددت الصعوبات لكن يبقى الأمل موجودا فلا مستحيل أمام الإرادة والتصميم 
غرسة الأمل والتفاؤل – غرسة العلم والعمل – غرسة نموها دائم وثمارها يانعة – وخيرها دائم بفضل الله 
تقبلوها مني بصدر رحب – ودمتم


انتصار عادل الخطيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق